Wednesday, October 13, 2010

أماكن مهملة من ذاكرة الألم

دقات الراديو المنتظمة تشير إلى تمام الساعة بالضبط , دقات الساعة المنتظمة تذكرني بتمام الإحباط بالضبط ، اسحب سيجارة من علبتي
الملقاة وسط الأوراق فوق المكتب ، أشعل السيجارة وأسرع نحو الشرفة يلاحقني الدخان نحو فضاء الشرفة ، يخرج مني الدخان أراقبه فيمضي بعيدا عني بلا اكتراث ، هي بلاهة مني – بلا شك - أن أضيع الوقت في متابعة ذاك الدخان .. ذاك الدخان لا يكترث بي – بالطبع - ولا يكترث أيضا بتلك العجوز التي تمر عبر الشارع كل يوم بظهرها المنحني وجلبابها الأسود ذي الغبرة.
***
لمرأة العجوز- تمارس سياسة النصب على جوعها - تربط على بطنها بقطعة من القماش المهتريء ، كل يوم تمر المرأة العجوز عبر نفس الشارع وعبر الشوارع الأخرى و المدن الأخرى لا تكترث بالعابرين .. والعابرون لا يحفلون بها بتاتا .. وأحيانا يجفل منها بعض العابرون .
***
موجات الراديو تحمل إليّ صوت ذاك المسئول يبرر – مثل كل المرات السابقة والمرات اللاحقة - موجة الغلاء بارتفاع الأسعار العالمية ، الرجل المسئول يزين رطنه بحديث عن معدلات نمو مرتفعة تارة .. ومعدلات تضخم منخفضة تارة أخرى ، أعود لغرفتي وأغلق الراديو فيقيني يحدثني – مقسما بالنشيد الوطني - أن الرجل المسئول لا يتقن من عمله سوى عقد رابطة عنقه ، وأن الرجل المسئول يتعاطى قبل كل تصريح حبتين من الفياجرا - على معدة ليست بخاوية - ليضاجع بنات أفكارنا جيدا ، أخرج للشرفة ثانية و أنفض أذني جيدا فيسقط كلام الرجل المسئول عبر الشارع .
***
عبر الشارع تسير المرأة العجوز تحمل في جنبها كيسا أسود ذي غبار تماما مثل أيامها ، العجوز في سيرها تقترب من كل كيس قمامة أسود تقبض عليه من مؤخرته وترفع يديها في الهواء فتندلق من الكيس القمامة ، تقلب المرأة العجوز بيديها القمامة حتى تعثر على كسرة خبز فتدسها في كيسها الأسود ذي الغبار غير مكترثة بالمارة ولا بالقمامة.

No comments: